فرض تأليفي عدد 1 مادة الإنشاء السنة السابعة مرفق بالإصلاح
فرض تأليفي عدد 1 مادة الإنشاء السنة السابعة مرفق بالإصلاح
الموضوع : سَعَيْتَ إلَى التّفَوّقِ فِي الدّرَاسَةِ وَنَيْلِ اِسْتِحْسَانِ أسَاتِذَتِكَ إلا أنّكَ وَاجَهْتَ صُعُوبَاتٍ كَادَتْ تَمْنَعُكَ مِنْ إدْرَاكِ مَطْمَحِكَ لَوْلا مُبَادَرَةِ أصدقائك إلَى مُسَاعَدَتِكَ عَلَى تَجَاوُزِهَا .
تَحَدّثْ عَنْ ذَلِكَ فِي نَصٍّ سَرْدِي ثُلاثِي البُنْيَةِ .
إصلاح الفرض التأليفي عدد 1 مادة الإنشاء
لَطَالَمَا حَلُمْتُ أنْ أكُونَ مِنَ المُتَفَوّقِينَ فِي دِرَاسَتِي، وَ وَضَعْتُ لِنَفْسِي هَدَفًا وَاضِحًا وَهُوَ تَحْقِيقُ أعْلَى الدّرَجَاتِ وَأنْ أحْظَى بِاسْتِحْسَانِ أسَاتِذَتِي . كُنْتُ أدْرُسُ بِجدّ، شَغَفِي هُوَ التّحْصِيلُ العِلْمِي ، وَ أدْرَكْتُ أنّ المَدْرَسَةَ هِيَ التِي سَأحَقّقُ بِفَضْلِهَا كُلّ طُمُوحَاتِي . لَكِنّ القَدَرَ لَعِبَ لُعْبَتَهُ، وَأصَابَنِي مَرَضٌ مُفَاجِئٌ جَعَلَنِي أتَغيّبُ عَنِ المَدْرَسَةِ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ .
لَقَدْ مَرّتْ تِلْكَ الأيّامُ بِبُطء شَدِيدٍ ، كَمْ شَعُرْتُ حِينَهَا بِثِقَلِ الوَقْتِ وَ أنّنِي تَائِهٌ فِي بَحْرٍ مِنَ القَلَقِ وَالهُمُومِ ، لا أسْتَطِيعُ اللّحَاقَ بِزُمَلائِي الذِينَ كَانُوا يَتَقَدّمُونَ بَيْنَمَا أنَا مُلْزَمُ الفِرَاشِ.
وَمَا إنْ تَعَافَيْتُ حَتّى عُدْتُ إلَى المَدْرَسَةِ، وَاعْتَقَدْتُ أنَنّي سَأوَاجِهُ مُهِمّةً صَعْبَةً وَهِيَ مُحَاوَلَةُ تَدَارُكِ مَا فَاتَنِي مِنَ الدّرُوسِ وَلَكِن اِكْتَشَفْتُ أنّنِي لَنْ أكُونَ وَحْدِي فِي هَذِهِ الرّحْلَةِ .
يَالرّوْعَةِ المُفَاجَأةِ ! أصْدِقَائِي الذِينَ كَانُوا مِثْلَ الأشِعّةِ الذّهَبِيّةِ فِي صَبَاحٍ يَوْمٍِ ضَبَابِيّ . فَهِمُوا مَا مَرَرْتُ بِهِ، وَحَاوَلُوا جَاهِدِينَ أنْ يَكُونُوا بِجَانِبِي. عَرَضُوا عَلَيَّ مُسَاعَدَتِهِمْ، وَ طَمْأنُونِي أنّ المُهِمّةَ سَتَكُونُ أسْهَلُ بِكَثِيرٍ مِمّا تَوَقّعْتُ .
جَلَسْنَا مَعًا بَعْدَ اِنْتِهَاءِ الحِصَصِ، وَكَانُوا يَشْرَحُونَ لِي الدّرُوسَ التِي فَاتَتْنِي وَكَأنّهَا لَحْنٌ هَادِئٌ يُعِِيدُ الحَيَاةَ فِي نَفْسِي . كَانَتْ كَلِمَاتُهُمْ مَلِيئَةٌ بِالدّفْءِ،
وَكَانَ أسْلُوبُهُمْ فِي الشّرْحِ سَهْلا غَيْرَ مُعَقّدٍ ، رَأيْتُ فِي عُيُونِهِمْ رَغْبَةً حَقِيقِيّةً فِي أنْ أتَدَارَكَ كُلّ مَا فَاتَنِي ، وأنْ أحَقّقَ مَا كُنْتُ أطْمَحُ إلَيْهِ . كَرّسُوا جُلّ أوْقَاتِهِمْ مَعِي دُونَ كَلَلٍ وَلا مَلَلٍ ،
إنّهُمْ لَيْسُوا مُجَرّدَ أصْدِقَاءَ مَدْرَسَةٍ عَادِيينَ بَلْ هُمْ أشْبَهُ بِنُورٍٍ سَاطِعٍ أنَارَ الظّلامَ الذي كُنْتُ أعِيشُ فِيهِ.
وَمَعَ مُرُورِ الأيّامِ فَهِمْتُ كُلّ الدّرُوسِ التِي كُنْتُ أظُنّ أنّهَا سَتَبْقَى مُسْتَعْصِيَةً عَلَيَّ . كُنْتُ أشْعُرُ بِنَشْوَةِ الانْتِصَارِ فِي كُلّ مَرّةٍ أتَمَكّنُ فِيهَا مِنْ فَهْمِ جُزْئِيَّةٍ . كَانَ دَعْمُ أصْدِقَائِي لِي مِثْلَ النَّسِيمِ العَلِيلِ الذِي يُنْعِشُ الرّوحَ فِي يَوْمٍ صَيْفِي حَارّ. وَعِنْدَ قُدُومِ مَوْعِدِ الامْتِحَانَاتِ، لَمْ أشْعُرْ بِالخَوْفِ وَلا بِالرّهْبَةِ بَلْ بِالعَكْسِ ،
شَعُرْتُ بِالثقَةِ وَ بِالإيمَانِ بِقُدُرَاتِي .
وَفِعْلا فَقَدْ تَحَصّلْتُ عَلَى أعْلَى الدّرَجَاتِ .
تَعَلّمْتُ مِنْ هَذِهِ التّجْرِبَةَ دَرْسًا هَامّا وَ هُوَ أنّ الإنْسَانَ لا يُحَقّقُ أهْدَافَهُ بِمُفْرَدِهِ،
بَلْ بِتَعَاوُنِ مَنْ حَوْلَهُ، وَأنّ الأصْدِقَاءَ هُمْ الشّعَاعُ الذِي يُضِيءُ لَنَا دُرُوبَ حَيَاتِنَا فِي أحْلَكِ الأوْقَاتِ.