إنتاج كتابي جني الزيتون
إنتاج كتابي جني الزيتون
فِي صَبَاحِ يَوْمٍ شِتْويّ يَحْمِلُ فِي بَاطِنِ سَمَاهِ ألْفَ أمْنِيَةٍ وَ تَكْسُوهُ نَفَحَاتُ هَوَاءٍ بَارِدٍ تُنْعِشُ الأرْوَاحَ ، وَرَائِحَةُ أرْضٍ مَسْقِيَّةٍ بَعْدَ لَيْلَةٍ طَوِيلَةٍ مُمْطِرَة
تَوَجَّهَ العَمُّ صَالِحٌ رِفْقَةَ مَجْمُوعَةٍ مِنَ العُمَّالِ رِجَالًا ونِسَاءً لجَنْيِ المَحْصُولِ السَّنَوِيِّ .
نَظَرَ العَمُّ صَالِحٌ إلَى حُقُولِ الزَّيْتُونِ المُتَرَامِيَةِ الأطْرَافِ وَقَالَ فِي نَفْسِهِ
“مَا شَاءَ الله ! لَيْسَ أجمَل مِنْ ثِمَارِ الزَّيتُونِ المُعَلَّقَةِ عَلى الأشْجارِ تَكَادُ الأغْصَانُ أن تَسْقَطَ مِنْ كَثْرَتِهَا “
عِنْدَ الوُصُولِ بَدَأ مَحْمُودٌ فِي نَشْرِ الشِّبَاكِ أمَّا عَبْدُ الله فَانْشغَلَ بِتَرْكِيبِ السَّلاَلِمِ وَفَرَشَ العَمُّ صَالِح الأرْضَ المُحِيطَةَ بِالأشْجَارِ بِالحُصُرِ ليجْمَعُوا مَا سَقَطَ أثْنَاءَ جنْيِهِمْ . أخَذَت حَلِيمَةُ وَصَاحِبَاتِهَا أمْشَاطِهنَّ وَتَسَلَّقَ عَليٌّ وَ بَعْضَ العُمَّالِ لِيَتَّخِذُوا مَكَانًا لَهمْ فِي قَلْبِ الشَّجَرَةِ غَيْرَ مُبَالِينَ بِالمُغَامَرَةِ التِي يَقُومُونَ بِهَا فِيمَا يَنْهَمِكُ البَقيَّةُ فِي اِلْتِقَاطِ حُبَيْبَاتِ الزَّيْتُونِ التِي تَتَسَاقَطُ أرْضًا
وَفِي جَانِبٍ آخَرَ مِنَ الحَقْلِ تَجِدُ يَاسِينَ وَمُصْطَفَى مُنْهَمكَيْنِ فِي تَعْبِئَةِ مَا تَمَّ جَنْيُهُ فِي أكْيَاسٍ كُبْرَى وَصَنَادِيقَ تُطْرَحُ جَانِبًا فِي انْتِظَارِ نِهَايَةِ اليَوْمِ لحَمْلِهَا فِي الشَّاحِنَاتِ إلَى المَعَاصِر الوَاقِعَة عَلَى مَشَارِفِ القَرْيَةِ
يَتَبَادَلُ العُمَّالُ الحَدِيثَ وَالمُزَاحَ وَأحْيَانًا يُرَدّدُونَ بَعْضَ الأغَاني الشَّعْبِيَّةَ.. وَضَحَكَاتِهِمْ تَتَنَاثَرُ بَيْنَ ثَنَايَا حُقُولِ الزَّيْتُونِ وَ هيَ السَّبِيلُ الوَحِيدُ لَهُمْ لِيَمُرَّ يَوْمُهُمْ بَعِيدًا عَن الإحْسَاسِ بِالتَّعَبِ وَالشَّقَاءِ رَغْمَ صُعُوبَةِ المُهِمَّةِ